رجال الثائر بوحمارة

رجال الثائر بوحمارة
-----------------------------------------
أنشأ الثائر بوحمارة الشهير في المغرب مخزنا شبيها بمخزن السلطان، وقد كانت مجالات ثورته وحكمه في شمال المغرب الشرقي، وامتدت ثورته بين عهدي السلطان مولاي عبدالعزيز العلوي والسلطان مولاي عبدالحفيظ العلوي، فتظاهر بمظاهر الملك، وصنع لنفسه طابعين سلطانيين الكبير والصغير، ليختم بهما ظهائره ورسائله، واتخذ حاشية من الوزراء والعمال والقياد، ومن أشهرهم
-          الشيخ أبوعمامة بن العربي البوشيخي : خليفة بوحمارة، وهو مرابط من قبيلة أولاد سيدي الشيخ بعين الصفراء بالجزائر، انضم الى فريق الثائر بوحمارة مع ولده وكان يجوب بحركاته مناطق فكيك ووادي الساورة والظهرا وعين سيدي ملوك
-          الطيب بن أبي عمامة البوشيخي : ابن السابق، قام بدعاية نشيطة لفائدة بوحمارة في أول أمره، وجند له مع والده الرجال وحرضهم على القتال، لكنه رجع عن ذلك، وانضم الى جيش السلطان بتحريض من أحد تجار الريف الكبار بمليلية يدعى الحاج عبدالواحد عمور الفاسي، والذي كان ايضا من قبل في حزب الثائر، فانسلخ منه
-          عبدالملك بن محيي الدين الجزائري : حفيد الأمير عبدالقادر الجزائري، مغامر خطير، وجاسوس دولي شهير، عمل مع المخابرات الانجليزية والفرنسية، انضم الى بوحمارة وخطط لعملياته وقاد جيوشه، ثم انشق عنه وتركه وانضم الى المخزن المغربي
-          الحاج محمد الطيبي الوديي : صهر الثائر بوحمارة، وعامله على مدينة وجدة في بداية ثورته.
-          السي صالح السفاج : ويعرف أيضا باسم صالح التلمساني، وهو جزائري درقاوي الطريقة، انتحل أيضا نسب الشرادي لتغطية جنسيته الجزائرية، عينه بوحمارة صدرا أعظم في حكومته، وكان قد تعرّف عليه أثناء إقامته في الجزائر
-          عبدالقادر با الحاج البارودي التلمساني: كان في السابق خرازا قهوجيا، وعونا للمخابرات الفرنسية بتلمسان، وهناك تعرف عليه بوحمارة، فاستخدمته في ثورته وعينه وزيرا للخارجية
-          كابرييل ديلبريل Gabriel Delbrel  : الجاسوس المغامر الفرنسي الكبير، من أصل جزائري، تعرف عليه بوحمارة أيام خدمته معه في قصور السلطان مولاي الحسن الأول العلوي، وابنه السلطان مولاي عبدالعزيز، وبعد اكتشافه وطرده من المغرب، اتصل به بوحمارة وعينه وزيرا للحرب
-          الفقيه الحسن الزرهوني : من كتاب الانشاء في ديوان حكومة بوحمارة
-          الطالب ادريس بن بوشتة الجامعي : من كتاب الانشاء في ديوان حكومة بوحمارة
-          الحاج احمد السمار : من كتاب الانشاء في ديوان حكومة بوحمارة، والذي صار قاضيا في تطوان بعد القضاء على ثورة بوحمارة
-          مولاي الطيب الادارسي الزيتوني : من كتاب الانشاء في ديوان حكومة بوحمارة
-          عبدالسلام الشركي : قائد المشور لدى بوحمارة
-          محمد الغياثي : من الموظفين التابعين لقائد المشور لدى بوحمارة
-          احمد العمري البونصاري : من الموظفين التابعين لقائد المشور لدى بوحمارة
-          علي السودي : من الموظفين التابعين لقائد المشور لدى بوحمارة
-          محمد المالطي التلمساني : من الموظفين التابعين لقائد المشور لدى بوحمارة
-          الفاضل الناصري : مستشار الدعي بوحمارة، وقد كان من قبل من خدام قصر السلطان مولاي الحسن الأول العلوي في حنطة أصحاب الفراش
-          فرجي بن سالم بن معطى الله المغاصي الروكي : المسؤول عن حريم الدعي بوحمارة، وقد ولد في وجدة سنة 1310ه وبعد القضاء على ثورة الدعي، صار خليفة للحاجب السلطاني بالقصر الملكي، وتوفي عن سن عالية سنة 1387ه موافق 1968م
-          الجيلالي الدكالي مول الضوء : كان من قبل من عبيد الشريف مولاي عبدالسلام المراني، وبعد أن وقع في الأسر  بيد قواة الثائر بوحمارة في بداية ظهوره، استبقاه لخدمته في شؤونه الداخلية، مستغلا معرفته بتقاليد القصور السلطانية، ثم أسند إليه قيادة السرايا التي كان يبعث بها للإغارة على الحاميات المخزنية، أو لتأديب مناوئيه، وبقي في خدمته الى أن أصيب في إحدى المعارك الأخيرة لبوحمارة فمات فيها
-          القائد حميدة بن شلال : أحد وجهاء قبيلة قلعية الريفية، صاهره الثائر بوحمارة وتزوج بنته
-          الشريف الكركري : من حاشية الثائر بوحمارة المقربين
-          القائد ميمون : من رؤساء جيش الثائر بوحمارة
-          القائد حدوا لمزوجي : من رؤساء جيش الثائر بوحمارة
-          القائد مزيان الزهراوي : من رؤساء جيش الثائر بوحمارة
-          القائد حمادة البوزكاوي :  من رؤساء جيش الثائر بوحمارة، لكنه اختلف معه بسبب طلبه أن يزوجه حفيدته تحت التهديد، فبعث إليه 70 رجلا من خيرة رجاله للخطبة، فاستضافهم هذا القائد وأكرمهم وعرض عليهم الاستحمام لإزالة وعثاء السفر، وهيأ لهم ملابس جديدة، فلما تجردوا من ملابسهم القديمة ودخلوا الحمام عريا، أمر أعوانه بالهجوم عليهم داخله وأتوا عليهم بالخناجر في أعناقهم وبطونهم وظهورهم وأطلقوا الرصاص على الفارين منهم مكشوفي العوررات، ولم ينج منهم الا قائدان مزيان الزهراوي وحدو المزوجي، وقد حدثت هذه المذبحة في سنة 1904م، ثم ارتحل هذا القائد البوزكاوي مع أهله وعشيرته الى وجدة حيث يأمن على نفسه وأهله من انتقام الدعي بوحمارة

-          عبدالقادر العتيقي بوحصيرة : نسبة الى بني عتيق إحدى قبائل بني يزناسن، التي تقع مواطنها في شمال مدينة وجدة، كان ثائرا مستقلا بنفسه وظهر  في سنة 1902م في مكان يدعى (المقام)  بناحية الظهرا في ضواحي وجدة، وادعى أنه السلطان مولاي عبدالعزيز وأنه فر من الانجليز وحج وعاد الى المغرب لطلب ملكه، فصدقه البسطاء والتفوا حوله، فتزامنت ثورته مع ثورة بوحمارة وانضم اليه ووضع يده في يده، فصار بوحصيرة من اعضاء حكومته، وبعد ذلك انسحب بوحصيرة الى الجزائر بعد احتلال وجدة من طرف الفرنسيين، فأقام في كنفهم بمدينة مغنية، واستعملوه مخزنيا في ادارة مراقبتهم بمدينة بركان وبقي فيها الى وفاته

ليلة اعتقال بوحمارة

ليلة القبض على الثائر بوحمارة
-------------------------------------------------------
يقول المؤرخ عبدالوهاب بنمنصور في كتابه (أعلام المغرب العربي)، وهو يتحدث عن الجدل الذي دار حول من اعتقل الثائر أبي حمارة، فحسم هذا الأمر في ما يلي : زعم هنري كيار (قنصل فرنسا بفاس) في رسالة بعث بها الى السيد رينيو الوزير الفرنسي المفوض بطنجة يوم 25 غشت أن القائد بوشتة ابن البغدادي قائد المحلات السلطانية هو الذي اعتقل أبا حمارة، وهذا ليس بصحيح، وليس بصحيح أيضا ما أورده المؤرخ عبدالرحمن بن زيدان في كتابه (إتحاف أعلام الناس) من أن الذي تولى القبض عليه عسكري من قبيلة الشاوية يسمى (العشي) كان يعمل بطابور القائد بوعودة، والصواب أن الذي اعتقله هو القائد الناجم الدليمي الاخصاصي، كما حكى لي بنفسه رحمه الله، وحكاه لي أيضا المرحوم القائد العربي السرغيني، وتؤيد حكايتهما الوثائق الرسمية التي تؤكد أن القائد الناجم هو الذي انطلق مع جماعة من جنوده لاعتقاله
وفيما يلي قصة اعتقال الثائر بوحمارة كما رواها القائد الناجم الدليمي بلسانه للأستاذ المختار السوسي وسجلها في كتابه (المعسول) بموضوعية تامة، فقال
يقول القائد الناجم الدليمي الاخصاصي: وفي اليوم الثاني تهيأ الجيش المخزني كله، ما معي وما مع رئيس الجيش محبوب (القائد العام) وما مع غيرنا من القياد وهم (القائد بوخبزة – القائد مبارك الدليمي – القائد عنو  الباعمراني – القائد عبدالله الرحماني – القائد الحبيب باقا الفطواكي، فتلاقينا مع الثائر  في موقعة عظيمة بقبيلة مزكلدة، انهزم فيها جيش بوحمارة انهزاما شنيعا، فنهبنا أهل مزكلدة وكل ما وجدناه أمامنا، فولى عن الثائر إذ ذاك كل من معه وتركوه منفردا، فرجعنا نحن عن المنهزمين عند نزول الليل، فرجع الثائر الى محله في ضريح (مولاي عمران) ولم يتبعه أحد، لا منا ولا ممن كانوا معه، وقد تفرق عنه حتى أصحابه الأخصاء، وقدكان العبد المجروح الشهير (الجيلالي مول الضوء) قد مات من قبل، ومات معه الذيل الأخير من بخته.
وفي ليلة الاستراحة جاء رجل من قبائل جبالة يسأل عني، فدلوه على خبائي، فقال لحراسي : أريد أن أتلاقى مع القائد الناجم، فأعمت به، وأمرت بإدخاله، فرأيته في ضوء السراج، فإذا به أعرفه لحكاية حدثت بيننا من قبل حول جاريتين كانتا لديه، وسباهما القائد عبدالرحمن اكرار الكلاوي، فانتزعتهما منه ورددهما لصاحبهما هذا الجبلي، فقال لي في هذه الليلة: إنك قد أحسنت إليّ في ذلك اليوم، وأسديت لي معروفا، والاحسان يملك الانسان، وقد جئت أجزيك إحسانا بإحسان، وأردت أن تحوزه وحدك شرفا لا يشاركك فيه أحد من هؤلاء القياد، وإن ابن الخمسية الذي كان يناصر الثائر ابا حمارة قد ولى عنه بعدما قتل أصحابه، وجرح كثيرون من قبيلته، فلم يبق عنده الآن أهله فقط، وليست معه أية قوة تدافع عنه، فبادر إليه ليكون لك وحدك شرف إلقاء القبض عليه، فإنك أهل لكل شرف، فهيا بسرعة قبل أن يفلت منك، فإني تركته وليس معه من الخيل إلا 75 فرسا، تركها له فرسانها وقد هربوا عنه، وقد أدخل سروجها البراقة المذهبة الى مشهد الولي مولاي عمران، فقم وأسرع، ولا تنس في حياتك أن إسداء المعروف لا ينساه الرجال أهل جبالة الأحرار.
فقمت في الحين فأيقظت أصحابي من القياد، القائد سعيد الدمناتي، والقائد محمد بن سعيد القرقوري، فذهبنا نحن الثلاثة مع بعض الجنود الذين انتقيناهم من بقية جنودنا الثلاثة، فلم نختر إلا من نعلم منهم الرجولة والمغامرة والبسالة، وقد كان عدد جنودي بلغ 1200 رجل، وجند القائد سعيد 800 رجل، أما عند القائد القرقوري فبلغ 3000 جندي، فذهبنا من غير أن يعلم القائد العام محبوب بأي شيء، فتقدمنا ذلك الرجل الجبلي ليدلنا على الطريق، فسبقت أنا بالفرسان، وتبعنا المشاة مع المدافع ومعهم القائد القرقوري، فهاجمت أولا الجهة التي فيها مشهد مولاي عمران، فوجدت المكان كما وصفه لنا دليلنا، حيث وجدت فيه الخيل مصطفة وحدها دون ركابها حول الضريح، فلم نكد نقترب من الضريح عند طلوع الشمس حتى أطلقت علينا ثلاث طلقات من داخله، فعرفنا بعد ذلك أن الذين أطلقوها هم ثلاثة عبيد صغار، هم وحدهم من بقي لدى أبي حمارة، فسقط أحد أفراسنا، فتحرزنا وتنحينا، ثم خرجت عجوز من المشهد تصرخ فينا وتقول : ما تريدون من بلادنا ؟ فقلت لها : لا نريد إلا أبا حمارة وحده، فقالت إنه قد خرج آنفا وليس هنا، فتجاوزنا المشهد قليلا، فرأينا تساقط الرجال علينا من القرى المجاورة لتلك الناحية، فتراكموا على مقربة منا مبتعدين، يتصايحون بنا قائلين : (نحن بالله وبالشرع معكم يا أصحاب السلطان) وقد علاهم الخوف من جيشنا،  فرفعت عقب البندقية وأنا أسير إليهم – وتلك علامة المسالمة -  وقلت لهم : أخرجوا إلينا منكم من نتكلم معهم، وعليكم الأمان التام، فإننا لا نطلب إلا طلبة السلطان أبا حمارة الفتان، فقيل لنا : إنكم تركتموه وراءكم في المشهد، وقد اختبأ عنكم فيه، فرجعنا الى المشهد ودهمناه، ولما أردنا أن ندخل إليه من الباب، أطلق علينا أولئك الغلمان النار فقتل أحد رجالنا، فإذا بأصحابي انتشلوني بأيديهم من أمام الباب وهم يقولون: كأنك لا تريد دائما إلا أن تموت، فأبعدوني عنه، فرغنا الى ناحية أخرى فاقتحمنا المكان وأوقدنا حوله النار، ولم تكن عليه القبة كالعادة، وإنما هو مسقف بأعواد فوق الجدران المرفوعة، وعلى الأعواد تراب، فشبت النار في السقف، فلما اشتد الدخان على الثائر أبي حمارة اندلق من الحل، فانقضضنا عليه، فكنت أول من لمسته يده، ومعي القائد العربي (صار قائد المشور بعد ذلك) ومعنا القائد البخاري من قياد جندي، فنزعنا منه الخنجر أولا من تحت إبطه، والمسدس، والتمائك (خف الفروسية) المخيطة بخيوط الذهب الحقيقي، وأدخلت يدي لأنظر هل على جسده ما يقال لنا من التمائم (الحروز) فلم أجد شيئا، ثم أخرجناه، فإذا بالجند قد دهموا علينا المشهد ينتهبون كل ما في بناية الضريح، وليس في المكان من الناس إلا نساؤه وجواريه وخدمه، والبناية كانت متسعة لتسع عشران من الناس، ثم وصلنا إذ ذاك جيشنا بقضه وقضيضه، فكان كل من وصلنا يضع يده على الثائر ويقول : يا ناجم، هل أنا الذي قبضت أبا حمارة ؟ فأقول : نعم يا سيدي، أنت الذي قبضته، لأداري الناس بذلك لئلا يغلبوني عليه فيقتلوه، وقد ازدحم علينا الناس حتى صار مرفوعا فوق الأكتاف، وأصحابي يدافعون عنه، فكاد يختنق، وقد أضر به العطش، فصار ينادي يا ناجم أغثني بشربة ماء، فقد كدت أموت عطشا، فالتفت الى القائد العربي، وأمرته أن يأتيه بالماء، فأتى بقلة ماء لا بأس بها، فأعلاها يصب الماء في فمه، فبعضه يصل فمه وبعضه يسيل على أكتاف الناس المتزاحمين، ثم أمرت جنديا معي أن يأتي ببغلة، فوقف معي القائد محمد بن الجيلالي – وقد بلغ مني العياء مبلغا عظيما – فأركبناه عليها، وأردفنا وراءه القائد البخاري، وهو رجل من أصحابي معروف، فتمكن منه، وهو مأسور مربوط اليدين وراءه، فقلت له اذهب بالرجل وحافظ عليه، ونكبه وسط الجيش، وباعده من المعسكر خوف أن يقتله الناس، فذهب به، ثم استدعيت القائد محمد القرقوري، فأمرته أن يذهب مع أصحابي ليدافعوا عنه بقوتهم، ثم استلقيت بعد أن اطمأننت على الرجل بثقات أصحابي، فإذا بي قد أغمي علي فوقف علي أهل الشراردة، وأتوا بالسعتر والبصل، حتى تماثلت واسترجعت عقلي، فتبعت أثر أصحابي وأنا على فرسي، فوجدتهم في خلاء، وقد ابتعدوا عن الجيش كما أمرتهم به، فصار بعضنا يهنئ البعض بالسلامة
ليلة سمر مع المعتقل بوحمارة
يضيف القائد الناجم الدليمي فيقول : ثم جعلنا الثائر بوحمارة وسطنا طوال تلك الليلة، وبتنا معه في مراحعة الحديث، نندد عليه بما كان يفعله بنا منذ سبع سنين، فكنت أنا الذي أحادثه كثيرا في ذلك، والقياد الذين باتوا معنا في تلك الليلة حوله هم، القائد صالح، والقائد محمد بن الجيلالي السرغيني، والقائد الحسين الباعمراني، والقائد بوعودة الرحماني، والقائد عبدالكريم ولد بـّا امحمد الشركي، والقائد محمد بن البغدادي الابيض الشهير (باشا فاس في عهد السلطان مولاي عبدالحفيظ)، والقائد ادريس الجويشي الاوديي، والقائد الحافظ الدليمي، والقائد عمارة الشرادي، والقائد الحبيب الشرادي، والقائد ابن ادريس الشرادي، والقائ محمد القريضي المستاري الجبلي، هؤلاء هم الذين استداروا بالثائر ابي حمارة مع أصحابنا في تلك الليلة، وقد أطلقت يديه لإراحته، فلما أكثرت عليه بالتنديد والتثريب وعمله في السحر والشعوذة التي يغرر بها السذج، التفت الى القائد عبدالكريم فقال له: قل لصاحب الركب هذا – يعنيني – ليسكت عني، فقال له إنه ليس بصاحب الركب، بل هو الشجاع الذي تعرفه بمواقفه معك، ثم التفت إليّ أنا وقال : أقرأت كتاب (مشارق الأنوار) ؟ فأجبته بأني أمي لا أقرأ ولا أكتب، فقال : ولماذا تصدع رأسي وأنت لم تقرأ حتى كتاب (مشارق النوار) ؟ ، ثم قال : إن كل ما رأيته جار على وفق الأقدار، لأني أنا الذي تركت بلاد السبيب، وجئت إلى بلاد الزبيب (يعني ترك محل الخيل – والسبيب شعر الخيل – كبلاد أنكاد وأمثالها حيث الفرسان الشجعان، وأتيت إلى بلاد الجبن التي لا يعرف أهلها إلا أن ييبسوا الزبيب، ولا معرفة لهم بالحروب والإقدام، فهلكت عندهم، ثم تكلم القائد محمد المستاري فقال له : إنك معتقل الآن في بلاد الزبيب التي أحرقتها، فقال له : من أين أنت يا هذا ؟ فقال له إنني من جبالة هذه، فالتفت إليه بوحمارة بالحماليق المحمرة كما يؤتى لنا في الظلام، وأمد إليه بصره مليا، فمد يده إلى ما وراء رأسه، كأنه يتناول شيئا من قبه (غطاء الرأس المتصل بالجبة أو السلهام)، فأهوى بيده اليمنى كأنما ينثر شيئا منها على ظهر إبهام يده اليسرى، ثم أهوى بأنفه الى ما فوق إبهام اليد اليسرى، كأنه يستنشقه، ويحاكي بذلك فعل مستنشقي مسحوق التبغ (التنفيحة)، ثم قال : إنكم يا بني جبالة لا تعجبونني إلا حين تتناولون (الكوزة)، يعني وعاء التنفيحة، فتستنشقون مما فيها، وأما الرجولة فأين أنتم منها ؟ فمثلك يا ابن كذا وكذا – يسبه سبا فاحشا – لا يتكلم أمام سادته، ثم التفت الى القائد عبدالكريم فقال له : أما دارك أنت فنعم الدار، وليس عندي فيها ما يقال، (وقد سبق لبوحمارة هذا أن كان في أول أمره عونا عند آل القائد عبدالكريم هذا، قبل أن يكون عند مولاي عمر) ثم قال له : القائد الحافظ كلاما، فسأله عنه : فلما عرف من هو ؟ قال له : أو تظن ايها الأبرص أنني أجهل من أنتم أيها البخلاء، حتى لا يجد الضيف عندكم إلا الدشيشة السوداء مع اللبن الحامض المنتن الذي تأباه حتى الكلاب ؟ ثم صار يسأل عن كل واحد من الحاضرين على حدة، فلما ذكرنا له القائد بوعودة قال : هذا أبوعودة وأنا أبو حمارة فالله يأتي بأبي جمل، ثم التفت إلي وإلى الجالسين أجمعين، فقال : تبا لكم يا أشباه الرجال فمتى كنتم رجالا في أعين الناس ونلتم السمعة بين أقرانكم ؟ فبمن اكتنزتم ما اكتنزتم من الأموال والمتاع والخيل والبغال ؟ أو لست أنا هو السبب في كل ذلك ؟ فبفضلي ظهرتم وصرتم تتوصلون من خزانة الدولة بالمؤونة، وبكل ما تقدمون فيه مطاليبكم ؟ فهذا أمري اليوم قد انقضى، وستذهبون اليوم إلى حيث تقبعون وتتقمعون فتذوذون الذباب وتهومون (ترفعون رؤوسكم بالنعاس)، فأين رجولتكم وشهامتكم ومجادتكم يا أبناء الكزازة والبخل والشح واللؤم ؟ فلو كان فيكم عرق ينبض بالرجولة لما تركتموني بينكم هكذا، وارتعد من شدة البرد، وأنتم تنظرون، فنزع القائد ادريس الاديي سلهاما رقيقا فدفعه إليه، فرماه إليه بكل أنفة، وقال : أبهذا الرقيق الشفاف يرد البرد القارص، ثم همس أحد أعواني في أذني بأن عنده بردة غليظة إن لاقت به، فذكرت ذلك لأبي حمارة، فقال : ائتوني ولو بالحلس، فإن البرد قد بلغ مني مبلغا عظيما، فأتيناه بها فالتف فيها، ثم جمعنا طرفيها تحت ذقنه بشوكة

هكذا قضى قياد الجيش المخزني ليلتهم في سمر مع المعتقل بوحمارة، ولم تغمض لهم عين خشية فراره، وفي الصباح التحقوا بمعظم الجيش، وقد الناجم أسيره الى القائد العام القائد محبوب، وساروا جميعا حتى بلغوا أراضي قبيلة شراكة، فباتوا بها ليلتهم الثانية (الثلاثاء)، ثم ساروا في الصباح الى قبيلة لمطة حيث أطلوا على فاس من جبلها الشهير (زالغ)، وهناك استقبلهم مبعوثوا السلطان ومعهم قفص خشبي وبعير، فبلغوا القائد الناجم ومن معه أمر السلطان بجعل الأسير في القفص وإدخاله محمولا داخله على البعير الى فاس، فامتثل الأمر، وسلسل عبيد البخاري أبا حمارة وأدخلوه في القفص وساروا به الى فاس، والقائد الناجم يمسك بخطام البعير، فدخلوا المدينة في الساعة 10 من صباح يوم الثلاثاء 7 شعبان 1327ه موافق 24 غشت 1909م، وسط جمهور غفير من المتفرجين، ولم ينخ الناجم البعير إلا أمام السلطان ومخزنه بمشور باب البوجات الذي دخلوه من أحد ابوبه المسمى باب مكناس
*
* * *
*

على هامش المسلسل التركي حريم السلطان

على هامش المسلسل التاريخي التركي (حريم السلطان)
=========================================================
لقي المسلسل التاريخي التركي (حريم السلطان) الذي يتناول أخبار قصور السلطان سليمان القانوني العثماني، إقبالا شديدا من قبل النظارة في جميع الدول العربية والاسلامية والدولية، ولا نعلم إن كانت قصة هذا السلطان العثماني العظيم مع حريمه تتضمن الى جانب ما روته من أحداث ومعارك وفتوحات طالت عددا من دول البلقان الأوروبية والدول الخليجية ودول الشرق الأوسطية ودول شمال إفريقيا، باستثناء المغرب الأقصى، هذا البلد الذي استعصى على خلفاء الدولة العثمانية طيلة عهودها، الى أن تولي هذا السلطان سليمان القانوني، الذي لجأ الى استعمال وسيلة أخرى مع المغرب غير الجهاد، أملا في اجتياز الحدود المغربية الجزائرية، لاحتواء هذا الركن الأفريقي الصامد ضد أي تدخل أجنبي، عبر تاريخه العريق، ابتداء من قبل الميلاد الى صدر الاسلام الى العصور الوسطى فالحديثة، فلنقرأ ما سجله التاريخ بين المغرب في عهد السلطان محمد الشيخ السعدي، والعثمانيين في فترة حكم السلطان سليمان القانوني، وذلك من خلال ما رواه صاحب كتاب الاستقصا، المؤرخ المغربي أحمد بن خالد الناصري، قال:
كانت بين السلطان محمد الشيخ السعدي وبين السلطان سليمان القانوني العثماني خلافات سياسية حادة حول الحدود الشرقية للمغرب، حيث غزا جيش المغرب مناطق تلمسان مرتين بدون جدوى، وأثناء استعداد سلطان المغرب لغزو تلمسان مرة أخرى، أوفد اليه السلطان العثماني سفيره الفقيه محمد بن علي الخروبي الطرابلسي، (نزيل الجزائر ودفينها) وذلك في شأن عقد هدنة وضبط حدود البلدين، فقدم الفقيه على السلطان وهو بمراكش، سنة 961ه، فأكرم وفادته إلا أنه لم تظهر فائدة في مقدمه، ولم يرجع بطائل، بالرغم من ملاقاته مع علماء المغرب المشهورين آنذاك مثل (الشيخ زروق والشيخ أبي عمرو القسطلي) وقد توفي الفقيه السفير في الجزائر خلال هذه المدة في سنة 963ه
ثم زاد قلق السلطان محمد الشيخ السعدي بعدما أقدم أبوحسون الوطاسي المنتهية دولته (الوطاسية) على إدخال أتراك الجزائر الى المغرب لاسترجاع ملك الوطاسيين والاستيلاء على فاس، فطردهم منها السلطان محمد الشيخ السعدي، وكان يقول ( أريد أن أغزو الجزائر وما وراءها الى مصر لأخرج الترك من أحجارها، وكان يطلق لسانه في السلطان سليمان العثماني ويسميه بالدارجة المغربية (سلطان الحواتة – أي سلطان الصيادين) و يعني بذلك أن الترك اشتهروا بكونهم أصحاب أساطيل وأسفار في البحر ، فانتهى ذلك الى السلطان العثماني فبعث اليه سفيرا يحمل كتابا، فلما قرأه السلطان محمد الشيخ السعدي وجد فيه أنه يأمره بالدعاء له على منابر المغرب، ونقش اسمه على سكته، فحمي سلطان المغرب وأبرق وأرعد وأحضر سفير الأتراك وأزعجه لأنه ينتظر منه الجواب وقال له السلطان محمد الشيخ: ( لا جواب لك عندي حتى أكون بمصر إن شاء الله وحينئد سأكتب لسلطان القوارب )، فخرج السفير من عنده مذعورا يلتفت وراءه إلى أن وصل الى الجزائر وركب البحر الى القسطنطينية، واجتمع بالوزير الصدر الأعظم وأخبره بما لقي من سلطان المغرب، فأنهى الوزير ذلك الى السلطان سليمان، فأمره أن يهيء الجيش لغزو المغرب، فاجتمع أهل الديوان ونصحوه بأن لا يقدم على ذلك، واتفق رأيهم على أن يعينوا 12 رجلا من فتاك الترك، ويمولوهم بمبلغ 12.000 دينار ، ويوجهوا معهم كتابا الى كبير أتراك الجزائر الانكشارية الذين استخدمهم سلطان المغرب في محلته وأدمجهم في حرسه كفرقة لدعم جيوشه المغربية، وكان يدعى صالح الكاهية، ووعدوه بالمال والمنصب، إن هو نصح وساعد في اغتيال سلطان المغرب، وتوجيه رأسه مع القادمين عليه، ثم عرض الصدر الأعظم هذا الأمر على السلطان سليمان العثماني، قائلا له: هذا أمر سهل لا يحتاج فيه إلى تجهيز الجيوش، وهذا المغربي (يقصد سلطان المغرب) الذي أساء الأدب على السلطان العثماني سيأتي رأسه اليك بين يديك، فاستحسن رأيهم وشكر سعيهم، وأمر بتوجيه الجماعة المعينة في البحر الى الجزائر ومنها يتوجهون الى مراكش في البر، ففعلوا، ولما وصلوا الى الجزائر هيأوا أسبابا (أي تجارة) واشتروا بغالا وساروا الى فاس في هيأة التجار، وباعوا فيها أسبابهم، ثم توجهوا الى مراكش، ولما اجتمعوا بكبير الأتراك صالح الكاهية المذكور، أنزلهم عنده ودبر الحيلة في أمرهم، فدخل على السلطان محمد الشيخ، وقال له: يا مولاي إن جماعة من أعيان جند الجزائر سمعوا بمقامنا عندك ومنزلتنا منك فرغبوا في جوارك والتشرف بخدمتك وليس فوقهم من جند الجزائر أحد، وسيكونون إن شاء الله السبب في تملكها (يقصد برد الجزائر)، فأمر بإدخالهم عليه ولما مثلوا بين يديه رأى وجوها حسانا وأجساما عظاما، فأكبرهم ثم ترجم له صالح الكاهية كلامهم، فأفرغه في قالب المحبة والنصح والاجتهاد في الطاعة والخدمة حتى خيل الى السلطان محمد الشيخ أنه قد حصل على ملك الجزائر، فأمره بإكرامهم وأن يعطيهم الخيل والسلاح، ويدخلوا عليه مع كبيرهم صالح الكاهية كلما دخل، فكانوا يدخلون عليه كل صباح لتقبيل يده على عادة الأتراك في ذلك، وصار السلطان يبعث بهم إلى أشياخ بلاد سوس مناوبة في الأمور المهمة ليتجولوا في البلاد ويتعرفوا على الناس، وكان يوصي الأشياخ بإكرام من قدم عليهم منهم، واستمر الحال على ذلك إلى أن أمكنتهم فيه الفرصة والسلطان في بعض حركاته بجبل درن (أدرار ندرن – وهو الأطلس الكبير المطل على تاردانت) بموضع يقال له أكلكال بظاهر تارودانت، فولجوا عليه في خبائه ليلا على حين غفلة من العسس، فضربوا عنقه بشاقور ضربة أبانوا بها رأسه وحملوه في مخلاة ملئوها نخالة وملحا، وخاضوا به أحشاء الظلمات وسلكوا طريق درعة وسجلماسة، كأنهم أرسال تلمسان لئلا يفطن بهم أحد من أهل تلك البلاد، ثم أُدركوا ببعض الطريق فقاتلت طائفة منهم حتى قتلوا، ونجا الباقون برأس السلطان، فانتهوا الى الجزائر وركبوا البحر منها القسطنطينية، فأوصلوا رأس السلطان الى الصدر الأعظم وأدخله على السلطان سليمان العثماني، فأمر أن يجعل في شبكة من نحاس، ويعلق على باب القلعة، ولما شاع الخبر بأن الترك قتلوا السلطان واستراب الناس بجميع من كان منهم بالمغرب، أغلق إخوانهم الأتراك الذين كانوا في تارودانت ابوابها واقتسموا الأموال واستعدوا للحصار، ولما بويع ابنه السلطان الغالب بالله السعدي، وقدم من فاس، نهض مع عساكره إلى تارودانت للأخذ بثأر أبيه من الترك الذين لا زالوا بها، فحاصرهم مدة من الزمن، ولما لم يقدر على اقتحامها، لجأ إلى حيلة حيث أظهر الرحيل عنهم، وأشاع أنه راجع الى فاس لثائر آخر قام بها، ولما بعُد عنهم مسيرة يوم خرج الأتراك في أعقابه ليلا، والعيون موضوعة عليهم في كل جهة، إلى أن أشرفوا على محلة السلطان الغالب بالله السعدي، فانعطف عليهم ولما لم يمكنهم الرجوع الى تارودانت تحيزوا الى الجبل وبنوا فيه خيامهم وجعلوا عليها المتاريس من الأحجار، وتحصنوا بها وأحاطت بهم العساكر من كل جهة، ولم يكن لديهم بد من القتال، فقاتلوا حتى أفنوا عن آخرهم، ولم يؤخذ منهم أي أسير، وفقد السلطان الغالب في هذه المعركة من رجاله 1200 جندي، مما يدل على شراسة المعركة.
وكان مقتله رحمه الله في يوم الأربعاء 29 ذي الحجة سنة 964ه موافق 23 أكتوبر  1557م، وحمل جثمانه إلى مراكش، ودفن في روضة الأشراف السعديين، وقبره شهير بها إلى الآن، وقتل معه في تلك الليلة عالمين مغربيين من أهل سوس وهما : القاضي المفتي الفقيه علي بن ابي بكر السكتاني، والكاتب الفقيه أبوعمران الوجاني.

أما رأس السلطان القتيل، فقد بقي معلقا على باب القلعة باسطمبول الى وفاة السلطان سليمان العثماني، وبعدما تولي ابنه السلطان سليم بن سليمان العثماني الخلافة، وفد عليه من المغرب أبناء السلطان محمد الشيخ القتيل، وهما عبدالملك المعتصم وأحمد المنصور الذين شفعا لديه في إنزال رأس والدهما ودفنه.
*
* * *
*

سوس بعد وفاة مولاي اسماعيل

*
* * *
سوس بعد وفاة السلطان مولاي اسماعيل العلوي
* * *
1-    الفترة الأخيرة من حكم السلطان مولاي اسماعيل : 1118-1139ه / 1706-1727م
تتميز هذه الفترة بسيادة الأمن والنظام وتوطيد الحكم اعتمادا على جيش البخاري، كما تم استكمال تحرير بعض الثغور مثل: المهدية، وطنجة، والعرائش، وأصيلا، إلا أن أهم عمل قام به السلطان مولاي اسماعيل هو تصفية المشاكل الداخلية، كالقضاء على أحمد بن عبدالله الدلائي، والخضر غيلان، وأحمد بن محرز، وولديه محمد العالم وأبي النصر، وكان من مزايا سوس خلال هذه الفترة استمرار تعيين خلفاء السلطان على مدينة تارودانت، وأغلبيتهم تربطهم صلة القرابة بالسلطان، وظلت المدينة مركزا مخزنيا، ومن قصبتها يتم تسيير شؤون قبائل سوس، بما في ذلك تنظيم حركات لوضع حد للمشاكل الطارئة على الاقليم، أو القيام بتحصيل الجبايات، وتبين الرسائل التي وقفنا عليها، طبيعة علاقة الجهاز المخزني المرتكز بتارودانت بقبائل سوس، خاصة مع اتحادية إداولتيت، كما تعطي صورة عن المهام التي تناط إلى الخليفة، ينضاف إلى ذلك ما هو معروف عن المدينة من انشقاقات متتالية عن السلطة المركزية كما هو الشأن مع
أحمد بن محرز (1082-1096ه / 1672-1685م)
محمد العالم (1112-1118ه / 1700-1706م)
مولاي أبي النصر (1123-1125ه / 1711-1713م)
عبدالملك بن اسماعيل، وبقي بها إلى أن تمت مبايعته سنة 1140ه / 1728م
2-    فترة حكم أبناء السلطان مولاي اسماعيل : 1139-1170ه /  1727-1757م
لم تكن الأوضاع السياسية والاقتصادية خلال هذه الفترة بسوس بأحسن حال من أوضاع البلاد ككل، إذ انهارت قوة الدولة، وعمت البلاد موجة من الفوضى والانقسام، وتحول الجهاز العسكري الذي يكونه جيش البخاري من أداة أمن وتنظيم إلى عامل تفكك، حيث أصبحوا يعينون ويعزلون الأمراء حسب أهوائهم ومصالحهم الخاصة، ولا أدل على هول الكارثة من تنازع أبناء السلطان مولاي اسماعيل على السلطة.
            وفي هذا السياق لم تسلم منطقة سوس من الاضطرابات السياسية التي تلت وفاة السلطان مولاي اسماعيل، حيث اشتركت فيها قبائل سوس بدرجات متفاوتة، بيد أن أخبار هذه العلاقة تبدو قليلة ومقتضبة، ففي الوقت الذي اختار فيه العبيد السلطان أحمد بن اسماعيل الذهبي العلوي بفاس، نسجل بيعة أهل سوس للسلطان عبدالملك بن اسماعيل العلوي، مما أفضى إلى مواجهات بين الطرفين، انتهت باستقدام السلطان مولاي عبدالملك من تارودانت
            وعندما خلع السلطان مولاي عبدالله بن اسماعيل العلوي في المرة الأولى والثانية سنة 1150ه /  1738م، لم يخلع أهل سوس بيعته، إلا أن الثورات لم تتوقف بالاقليم حتى أن استتب الأمر للسلطان مولاي عبدالله، حيث انبثقت زعامات محلية متمردة على المخزن، وعادة ما تتخذ أساليب معينة دينية كالمهدوية، لإثارة حماس العامة، ولعل أكبر الحركات التي عرفتها المنطقة هي:
-         حركة يزيد بن محمد الملقب بودربالة : ثار بسوس، واعتمد على قبائل أولاد جرار، وانتهى الأمر بإعدامه في مراكش
-         حركة الشيخ عبدالله الكرسيفي : سنة 1147ه / 1735م، الذي استبد بمرسى أكادير وتحصن بتارودانت، إلا أنه قتل من قبل قبيلة هوارة سنة 1150ه / 37-1738م
-         تمرد محمد بن عبدالله المكاوي : وقد استطاع استقطاب أتباع له بين قبائل المنطقة، كما وقف العلماء موقف التأييد تجاه حركته، وعلى رأسهم الشيخ الحضيكي، وانتهت حركته على يد مولاي سرور العلوي، وهو آنذاك خليفة السلطان مولاي عبدالله العلوي على سوس سنة (1169ه / 1756م)
-         حركة محمد بن علي الكثيري : سنة 1167ه / 53-1754م
-         حركة الطالب صالح بن محمد بن بيهي : سنة 1169ه / 1756م، حيث استبد بميناء أكادير، مستفيدا من العائدات الجمركية التي يتقاضاها من التجار الأوروبيين، ويبدو أن حركته تعبير عن رفض السكان لتظلم الولاة وتعسف الحكام في ميدان الجبايات
إجمالا، فإن هذه الفترة المتسمة بالفوضى والاضطرابات، وما يترتب عن ذلك من تدهور، تزامنت مع فترات انتشار الطاعون والمجاعات بالإقليم، وهي من منظور العامة علامة على الغضب الإلهي، خلالها اكتمل التكوين المعرفي للحضيكي، إذ لم تمنعه ظروف هذه المرحلة من الخروج لتلقي المعرفة
3-    مرحلة حكم السلطان سيدي محمد بن عبدالله العلوي (1171-1189ه / 1757-1775م)
تتميز هذه المرحلة بكون السلطان سيدي محمد الثالث العلوي قد استفاد من المرحلة السابقة، وأخذ العبرة من حكم والده وصراعه مع إخوانه، حيث عمل على إصلاح نظام الحكم، وأصبح يركز نفوذه بصفته زعيما دينيا، منطلقا من الاعتراف بالولاءات المحلية، والسعي لتحرير الثغور المحتلة، إلى جانب سياسته الجبائية المتلازمة مع الاستشارة الفقهية.
ومن السمات البارزة لوضعية سوس خلال هذه الفترة، استتباب الأمن، وتعيين مجموعة من العمال للسهر على تدبير شؤون الإقليم، أمثال: مولاي عبدالسلام، وعلي بن الفضيل، وكاتبه سعيد بن الشلح، والمحجوب بن قائد راسو ... وبذلك خرج أهل سوس من سلبيتهم وانطوائهم على أنفسهم إلى جو من الثقة والصفاء المتبادل، كما أقدم السلطان الجديد على إغلاق ميناء أكادير أمام التجارة الأوروبية سنة 1178ه/ 64/1765م، والسبب في ذلك هو على ما يبدو، الحد من استئثار الزعامات المتمردة على المخزن بعائدات المرسى
----------------------------------------

المصدر: طبقات الحضيكي

الحجاج المغاربة القدماء ومعاناتهم - 7


* * *
*
الحجاج المغاربة قديما ومعاناتهم -7

* * *
*
في هذا الموضوع عرض مفصل لإحدى عمليات النصب التي يقوم بها أفراد من عصابات قبائل العربان بين مكة والمدينة وشمال الحجاز، والتي كان ضحيتها ركب حجاج بيت الله الحرام
* * *
وقد رواها أمير الحج إبراهيم رفعت باشا، ويصف فيها تلك الرحلة المهولة والتي وقعت أحداثها في شهر محرم 1326 هـ موافق فبراير 1908 م وتعرف هذه الحادثة باسم حادثة المحمل، وقد كان أمير الحج على رأس هذه القافلة الضخمة من حجاج مصر وحجاج الدول المغاربية الذين كانوا يرافقون المحمل المصري في كل موسم حج كما هو معهود، فقال
سافرنا من المدينة بعد ظهر الأحد 21 محرم سنة 1326 هـ موافق 23 فبراير 1908 م ووصلنا آبار علي بذي الحليفة بعد مسيرة ساعتين، وهناك بتنا، وفي منتصف الساعة العاشرة من ليلة الاثنين قمنا إلى آبار درويش فوصلناها بعد 12 ساعة، استرحنا في واحدة منها وبآبار درويش كان مبيتنا
وقد اجتمعت بعد الغروب بالشريف علي بن هيازع المعين مأمورا للحج من قبل الشريف، وحضرا اجتماعنا كوماندان الحرس والمقوم، وكان مما قاله مأمور الحج والمقوم الجملة التالية ( أبشرك بأن الطريق ما فيه أحد وأن العربان فاهمين أن طريق الحمل هو طريق ( الطريف ) وأن ذلك بناء على أخبار وصلتهما ) قالها كل منهما على حدة، ثم تبين لنا أن الأمر بخلاف ما زعما، فقر رأينا على أن يؤخذ من الصرة 1000 ريال تكون مع كاتبها الأول ويسير هو والمأمور والمقوم وبعض الضباط أمامنا على مبعدة من ركبنا، وذلك ليمهدوا الطريق، وينزلوا من قمم الجبال من يرون من العربان، ويعطوهم من الألف المكافآت المناسبة، وفي منتصف الساعة 11 سرنا من آبار درويش يتقدمنا من أسفلنا ومن خلفهم صف من العسكر، وبعد مسيرة ساعة ونصف وصلوا مضيقا، وهنالك أطلق العربان الرصاص عليهم من جبلين متقابلين، فتقدم إليهم المأمور والمقوم، واتفقا معهم على 160 ريالا يأخذونها ويسكتون، فصرفت إليهم، وبعد أن سار الركب قليلا أعيد ضرب الرصاص، فأمرنا العسكر بتسلق الجبال لمنع هذا العدوان الذي حدث بعد المكافأة وإذ ذاك حضر رسول من قبل المأمور وأخبرنا أن الذين أطلقوا الرصاص الآن عربان قبيلة ( الرحلة )، أما الذي أطلقوه أولا فعربان ( الردادة )، وما زال إطلاق الرصاص مستمرا وعساكرنا تجاوبهم بطلقات البنادق ومدفع ( كروب ) ومدفع ( مكسيم ). وفي خلال ذلك انضم إلى قبيلة ( الرحلة ) أربع قبائل أخرى كانت قادمة من ينبع، فاشتد الضرب، فأرسل إليهم المأمور واتفق معهم على أداء 400 ريال ويتركون المناوأة، وقد سلم المبلغ إلى غنيمة وعاطر ومشايخ آخرين من قبيلة ( الرحلة ) بعد أن تعهدوا بعدم التعرض، ومسحوا وجوههم كما هي العادة عندهم إذا أرادوا الوفاء بالعهد، ثم اعتلوا الجبال لينزلوا العربان، فانقطع الضرب قليلا، ثم عاد أشد ما يكون، فقابلناه بأشد منه، وما زالت النيران مطلقة من الجانبين حتى تأكدنا من خطر الموقف، إذ لبثنا في مكاننا 5 ساعات ونصفا نتقاذف فيها الرصاص وقد أصيب 7 من جنودنا، لقي أحدهم ربه، وأصيبت امرأة توفيت من فورها، ومات 4 خيول، وأصيب اثنان برءا بعد ذلك، وكذلك أصيب 3 بغال، ومات من الجمال 13 وجرح نحو 20 ولما عجز المأمور عن إنزال العربان، وغاب المقوم محمد أبو حميدي عن الركب من ساعة أن تقدم إلى الأمام، ودنا الغروب، ولا تزال المسافة بيننا وبين آبار عباس بعيدة، فإن بتنا سنبيت على غير ماء، وليس من الماء ما يكفي، ولما أن حصل كل ذلك أشار المأمور بالرجوع لتفاقم الخطب، وارتأيت ما رأى حقنا للدماء، ومحافظة على الأرواح، فعدنا إلى بئر درويش وقت الظهر، وقد اشتد الضرب حينما رأى الأعراب عودة الركب، ولكن العساكر ما فتئت تدافع عنه حتى وصل البئر، وتركنا بمكان الموقعة قسما من العسكر ( بلكا ) يخفر الجرحى والموتى والأشياء التي وقعت حين هرول الجمال لما أن تكاثر الرصاص عليها، وساعة وصلنا إلى البئر وضعنا قوتين على جبلين حاكمين على مقام الركب، وقد وجدنا طائفة من العربان محتلة جبلا خلف ذلك الجبلين، وأطلقوا علينا بعض الرصاص، ولكن لم يصيبونا بسوء، ولما رأوا قوتنا أمامهم كفوا عن الضرب، وقد لبثنا في مقامنا هذا ساعة وثلثا حتى تكامل اجتماع الركب كله، وبعد ذلك تباحثت مع المأمور والكومندان في المبيت بهذا المكان، فقر رأينا على مغادرته إلى المدينة، فغادرناه إليها في الساعة 8 نهارا وحينما كنا ببئر درويش أرسلنا مع رسول كتابا إلى محافظ المدينة، قصصنا عليه فيه ما كان من العربان، وأخبرناه بأنا راجعون إلى المدينة، وفي ذلك الحين علمنا أننا لو كنا اجتزنا المضيق الذي حصل فيه الضرب لوجدنا أمامنا 5 قوى أخرى من عربان ( الأحامدة ) كانت تستعد لمشاكستنا بالطريق، وتأكدنا من ذلك بما رواه العربان لنا بعد عودتنا إلى المدينة، فإنهم قالوا : إن عربان الأحامدة كانوا محتشدين لنا في المضايق التي بين ( الجديدة ) و( بئر عباس ) وعلمنا أن العربان والأحامدة الذين اعتدوا على الركب كانوا يعتقدون أن دولة المشير كاظم باشا المنوط به إنشاء السكة الحديدية الحجازية مختف بصحبتنا، وأنهم من أجل ذلك نقموا علينا، وكاظم باشا هذا هو الذي خرج من المدينة في ذي الحجة قاصدا تخطيط السكة الحديدية بين المدينة ورابغ، ولما سار يومين اعترضه العربان، وأطلقوا عليه الرصاص، فقتلوا من جنده الذي يبلغ 1506 عسكري، وجرحوا 22، فعاد إلى المدينة لما رأى من فداحة الخط، لأن العرب حانقون عليه من أجل همه بتخطيط تلك السكة التي يظنون أن في إنشائها قطع أرزاقهم وتسليط الإفرنج، ولاسيما الألمان على بلادهم، وحنقوا علينا لما ظنوا اختفاء المشير بصحبتنا
* * *
ولم تمر حادثة المحمل هذه بسلام في القاهرة، فقد تناولتها الصحافة المصرية بالنقد، وتشكلت لجنتان بوزارة الداخلية للتحقيق في أسباب ونتائج هذا الحادث وبعد أن هدأت الأمور علقت الأسباب على شماعة عدم إبلاغ المسئولين في الحجاز واستشارتهم في أي السبل الآمنة يسير فيها المحمل المصري، وكأنما المحمل المصري كان يسافر إلى الأراضي الحجازية لأول مرة، وكأنما رجاله يجهلون أخلاق من يتعرضون لهم بالسلاح في مفاوز الصحراء
وكأنما نسيت لجنة التحقيق طبائع تلك الفئة التي تقتات على دماء من لا يدفع
ألم يقل هؤلاء الذئاب البشرية في صلافة (نحن نضرب الكف ونأخذ أجرته) وكأنما أذى العباد عندهم هوى مما يعشقونه
* * *
لقد ذكر لنا الأديب يحيى حقي في كتابه ( كناسة الدكان ) عبارة تلخص كل ذلك الرعب الذي تعرضت له قوافل المحمل المصري عبر تاريخ سيره في طريقه، فقال : كانت تروى لنا ونحن ونحن أطفال حكايات من مخاطر الطريق يشيب لها الشعر، فإذا كان هكذا رد الفعل لمن سمع، فما بال من رأى، وهل الله عز وجل لا يرى أحدا

---------------------------------
المصدر : كتاب المحمل للأستاذ حلمي

* * *
بسْمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

(وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)
صدق الله العظيم
* * *
وكلمة الختام التي تفرض نفسها في هذا المقام
أين الدين - أين النبل - أين الجود - أين الحمى
أين سماحة الإسلام أين الضيافة والاكرام
هذه الأسئلة ربما تحتاج إلى أجوبة
وإلى الموضوع القادم

* * *
-----------------------------------
تقديم : محمد زلماضي المزالي


------------------------------------

المبدعون المغاربة

*
* * *
صور المبدعين
* * *

محمد الشوبي
من مواليد مراكش سنة 1963
* * *

محمد الزاوي
من مواليد طنجة
* * *

محمد الدرهم
* * *

محمد الخياري
من مواليد الدارالبيضاء 1964
* * *

محمد الخلفي
الدارالبيضاء 1933
* * *

محمد الجم
سلا 1948
* * *

محمد البسطاوي
خريبكة 1954
* * *

محمد البدوي
الحسيمة 1979
* * *

محمد بلقاس
مراكش 1930
* * *
صورة معبرة عن الموضوع محمد بن براهيم (ممثل)
محمد بنبراهيم
البيضاء 1949
* * *

محمد حسن الجندي
مراكش 1939
* * *

محمد خيي
قلعة السراغنة 1960
* * *

محمد قيسي
وجدة ؟
ممثل مغربي عالمي في أمريكا
* * *

محمد مجد
البيضاء 1940
* * *

محمد مروازي
الرباط 1973
* * *

محمد نظيف
1967
* * *

مصطفى الداسوكين
البيضاء 1938
* * *

ميلود الحبشي
البيضاء 1960
* * *

كمال كاظمي
مراكش 1962
* * *

عمر عزوزي
* * *

عمر السيد
البيضاء 1947
* * *

عزيز موهوب
البيضاء 1936
* * *

عزيز سعد الله
البيضاء 1954
* * *

عزيز العلوي
البيضاء 1965
* * *

يونس ميكري
وجدة 1951
* * *

يوسف الجندي
البيضاء 1978
* * *

ياسين أحجام
شفشاون 1978
* * *

هشام موسون
مكناس 1988
* * *

هشام بهلول
البيضاء 1973
* * *

نورالدين بكر
البيضاء 1972
* * *

عزيز الحطاب
البيضاء 1975
* * *

عدنان موحجة
1983 مراكش
* * *

عبدالهادي بالخياط
* * *

عبدالوهاب الدكالي
* * *

محمد الحياني
* * *

عبدالله فركوس
مراكش 1965
* * *

عبدالله ديدان
الرباط 1968
* * *
عبدالله العمراني
مراكش 1941
* * *

عبدالكريم الدرقاوي
* * *

عبدالكبير الركاكنة
الرباط 1971
* * *

عبدالقادر مطاع
الدارالبيضاء 1943
* * *

عبدالقادر لطفي
الدارالبيضاء 1970
* * *

عبدالقادر البدوي
طنجة 1934
* * *

عبدالصمد مفتاح الخير
مراكش 1977
* * *

عبدالرزاق البدوي
* * *

عبدالرحيم بركاش
الدارالبيضاء 1948
* * *

عبدالرحيم المنياري
الدارالبيضاء 1968
* * *

عبدالرحيم التونسي
الدرالبيضاء 1936
* * *

عبدالخالق فهيد
الدارالبيضاء 1964
* * *

عبدالجبار الوزير
مراكش 1928
* * *

عبدالإله عاجل
الدرالبيضاء 1957
* * *

طارق البخاري
الدارالبيضاء 1979
* * *

صلاحالدين بنموسى
الدارالبيضاء 1964
* * *

شمس الدين زينون
توفي عقب تمثيله فيلم رحلة ابن بطوطة سنة 2007
* * *
صورة معبرة عن الموضوع شفيق السحيمي
شفيق السحيمي
الدارالبيضاء 1948
* * *

سعيد باي
عين تاوجطات 1970
* * *

سعيد الناصري
الدارالبيضاء 1960
* * *
=============
سعيد الحجوي
من مواليد تطوان
* * *

سعيدالتغماوي
باريس 1973
* * *

سعد التسولي
الدارالبيضاء 1969
* * *
زكرياء عاطفي
* * *
ريان ترك
من مواليد 1986
* * *

رفيق بوبكر
الدارالبيضاء 1977
* * *
رشيد الوالي
الرباط 1965
* * *

ربيع القاطي
تازة 1977
* * *