سوس بعد وفاة مولاي اسماعيل

*
* * *
سوس بعد وفاة السلطان مولاي اسماعيل العلوي
* * *
1-    الفترة الأخيرة من حكم السلطان مولاي اسماعيل : 1118-1139ه / 1706-1727م
تتميز هذه الفترة بسيادة الأمن والنظام وتوطيد الحكم اعتمادا على جيش البخاري، كما تم استكمال تحرير بعض الثغور مثل: المهدية، وطنجة، والعرائش، وأصيلا، إلا أن أهم عمل قام به السلطان مولاي اسماعيل هو تصفية المشاكل الداخلية، كالقضاء على أحمد بن عبدالله الدلائي، والخضر غيلان، وأحمد بن محرز، وولديه محمد العالم وأبي النصر، وكان من مزايا سوس خلال هذه الفترة استمرار تعيين خلفاء السلطان على مدينة تارودانت، وأغلبيتهم تربطهم صلة القرابة بالسلطان، وظلت المدينة مركزا مخزنيا، ومن قصبتها يتم تسيير شؤون قبائل سوس، بما في ذلك تنظيم حركات لوضع حد للمشاكل الطارئة على الاقليم، أو القيام بتحصيل الجبايات، وتبين الرسائل التي وقفنا عليها، طبيعة علاقة الجهاز المخزني المرتكز بتارودانت بقبائل سوس، خاصة مع اتحادية إداولتيت، كما تعطي صورة عن المهام التي تناط إلى الخليفة، ينضاف إلى ذلك ما هو معروف عن المدينة من انشقاقات متتالية عن السلطة المركزية كما هو الشأن مع
أحمد بن محرز (1082-1096ه / 1672-1685م)
محمد العالم (1112-1118ه / 1700-1706م)
مولاي أبي النصر (1123-1125ه / 1711-1713م)
عبدالملك بن اسماعيل، وبقي بها إلى أن تمت مبايعته سنة 1140ه / 1728م
2-    فترة حكم أبناء السلطان مولاي اسماعيل : 1139-1170ه /  1727-1757م
لم تكن الأوضاع السياسية والاقتصادية خلال هذه الفترة بسوس بأحسن حال من أوضاع البلاد ككل، إذ انهارت قوة الدولة، وعمت البلاد موجة من الفوضى والانقسام، وتحول الجهاز العسكري الذي يكونه جيش البخاري من أداة أمن وتنظيم إلى عامل تفكك، حيث أصبحوا يعينون ويعزلون الأمراء حسب أهوائهم ومصالحهم الخاصة، ولا أدل على هول الكارثة من تنازع أبناء السلطان مولاي اسماعيل على السلطة.
            وفي هذا السياق لم تسلم منطقة سوس من الاضطرابات السياسية التي تلت وفاة السلطان مولاي اسماعيل، حيث اشتركت فيها قبائل سوس بدرجات متفاوتة، بيد أن أخبار هذه العلاقة تبدو قليلة ومقتضبة، ففي الوقت الذي اختار فيه العبيد السلطان أحمد بن اسماعيل الذهبي العلوي بفاس، نسجل بيعة أهل سوس للسلطان عبدالملك بن اسماعيل العلوي، مما أفضى إلى مواجهات بين الطرفين، انتهت باستقدام السلطان مولاي عبدالملك من تارودانت
            وعندما خلع السلطان مولاي عبدالله بن اسماعيل العلوي في المرة الأولى والثانية سنة 1150ه /  1738م، لم يخلع أهل سوس بيعته، إلا أن الثورات لم تتوقف بالاقليم حتى أن استتب الأمر للسلطان مولاي عبدالله، حيث انبثقت زعامات محلية متمردة على المخزن، وعادة ما تتخذ أساليب معينة دينية كالمهدوية، لإثارة حماس العامة، ولعل أكبر الحركات التي عرفتها المنطقة هي:
-         حركة يزيد بن محمد الملقب بودربالة : ثار بسوس، واعتمد على قبائل أولاد جرار، وانتهى الأمر بإعدامه في مراكش
-         حركة الشيخ عبدالله الكرسيفي : سنة 1147ه / 1735م، الذي استبد بمرسى أكادير وتحصن بتارودانت، إلا أنه قتل من قبل قبيلة هوارة سنة 1150ه / 37-1738م
-         تمرد محمد بن عبدالله المكاوي : وقد استطاع استقطاب أتباع له بين قبائل المنطقة، كما وقف العلماء موقف التأييد تجاه حركته، وعلى رأسهم الشيخ الحضيكي، وانتهت حركته على يد مولاي سرور العلوي، وهو آنذاك خليفة السلطان مولاي عبدالله العلوي على سوس سنة (1169ه / 1756م)
-         حركة محمد بن علي الكثيري : سنة 1167ه / 53-1754م
-         حركة الطالب صالح بن محمد بن بيهي : سنة 1169ه / 1756م، حيث استبد بميناء أكادير، مستفيدا من العائدات الجمركية التي يتقاضاها من التجار الأوروبيين، ويبدو أن حركته تعبير عن رفض السكان لتظلم الولاة وتعسف الحكام في ميدان الجبايات
إجمالا، فإن هذه الفترة المتسمة بالفوضى والاضطرابات، وما يترتب عن ذلك من تدهور، تزامنت مع فترات انتشار الطاعون والمجاعات بالإقليم، وهي من منظور العامة علامة على الغضب الإلهي، خلالها اكتمل التكوين المعرفي للحضيكي، إذ لم تمنعه ظروف هذه المرحلة من الخروج لتلقي المعرفة
3-    مرحلة حكم السلطان سيدي محمد بن عبدالله العلوي (1171-1189ه / 1757-1775م)
تتميز هذه المرحلة بكون السلطان سيدي محمد الثالث العلوي قد استفاد من المرحلة السابقة، وأخذ العبرة من حكم والده وصراعه مع إخوانه، حيث عمل على إصلاح نظام الحكم، وأصبح يركز نفوذه بصفته زعيما دينيا، منطلقا من الاعتراف بالولاءات المحلية، والسعي لتحرير الثغور المحتلة، إلى جانب سياسته الجبائية المتلازمة مع الاستشارة الفقهية.
ومن السمات البارزة لوضعية سوس خلال هذه الفترة، استتباب الأمن، وتعيين مجموعة من العمال للسهر على تدبير شؤون الإقليم، أمثال: مولاي عبدالسلام، وعلي بن الفضيل، وكاتبه سعيد بن الشلح، والمحجوب بن قائد راسو ... وبذلك خرج أهل سوس من سلبيتهم وانطوائهم على أنفسهم إلى جو من الثقة والصفاء المتبادل، كما أقدم السلطان الجديد على إغلاق ميناء أكادير أمام التجارة الأوروبية سنة 1178ه/ 64/1765م، والسبب في ذلك هو على ما يبدو، الحد من استئثار الزعامات المتمردة على المخزن بعائدات المرسى
----------------------------------------

المصدر: طبقات الحضيكي

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire