*
* * *
الرايس الحاج بلعيد العفيف
-----------------------------------------------------
في مجال دراستنا للأدب الأمازيغي، نتطرق لجانب آخر من جوانب عبقرية الرايس الحاج بلعيد العفيف التقي المترفع عن الدناءات والخطايا، ولو في شعره الغزلي، وفي هذين البيتين الشعريين التاليين سنحاول إبراز شخصية هذا الناظم الأمازيغي الأبية، مع ترجمتهما الى العربية، فيقول
اللجام أومليل د تونزا وورغي
كيوان إيغ كان لبيع إيراتني
----------------------------------------
اللجام الأبيض وقصة الشعر الذهبية
الكل راغب فيها إن كانت للبيع معروضة
* * *
اللجام أومليل هو كناية عن الفرس، لأن الفرس من أحسن ما خلق الله من الدواب، لجماله ورقته وألفته
أما تاونزا وورغ فهي كناية عن المرأة الجميلة، وهي من أحسن ما خلق الله من البشر، بلطفها وحنانها ورقتها وجمالها، بعكش الرجل الذي طبعه الله بالخشونة والقوة والشدة، وتاونزا بتاشلحيت هي القصة من شعر الرأس والتي كانت المرأة قديما تدليها فوق جبهتها كالمشط الملتف بأعلى حاجبيها، وكلمة وورغ تعني الذهبي، ويعني بها الشقراء، واللجام هو المعروف لدى الفرس، لضبط سيره، وأومليل هو الأبيض، لأن اللجام الأبيض يستعمل في أيام الأفراح والمواسم الوطنية، في حين يستعمل اللجام الأسود أو البني في الأوقات العادية، وهو ليس جذابا كاللجام الأبيض في رأس الفرس
وفي البيت الثاني يؤكد ما يراه الشاعر أن من له القدرة على الفوز بهذه النعم يذهب اليها ولو اقتضى ذلك أداء كل ما يملك من ثروته
فلنتصور كيف يحترم الرايس الحاج بلعيد مستمعيه ولا ينطق بما يخدش حياء الحاضرين، فيكتفي بذكر النعم الفاضلة كناية وبدون أسمائها المجردة والصريحة، وهي لجام الخيل التي ذكرها الله في كتابه بأنها من زينة الحياة، وقصة شعر رأس المرأة التي ربطها الحق سبحانه بالرجل بأن جعلها لباس الرجل وستره،
ومقارنة مع طرف آخر من شعراء المغرب نجد أن أحدهم وهو شاعر الملحون التهامي بن احمد المدغري المسعودي، يذكر هذه النعم، ويحصرها في ثلاث، الخيل والمرأة مضيفا إليهما الخمرة، عوض الاثنتين التي ذكرها الرايس الحاج بلعيد الذي فضل أن يستبعد الخمرة ومساوئها في شعره، لمعرفته وهو الفقيه الفنان أنها رجس ونجس، وقد نظم فيها قصيدة ذمها وهجا شاربيها، وهذا موضوع آخر نتركه لمستقبل الأيام
قال الزجال التهامي المدغري عن مختاراته الثلاث
ثلاثة زهوة ومراحة * * * بهواهم ما انا ساحي
ركوب الخيل والبنات وكيسان الراح
فبالرغم مما هو فيه هذا الفقيه من الورع والتقوى والزهد، فإن هذه الخصال لم تمنعه من أن ينشد الشعر الغزلي والمجوني الصريح، فقد ذكر هنا ركوب الخيل، ثم البنات هكذا وبدون رمزية، والأغرب في قوله هو كيسان الراح، وهي كؤوس الخمرة، موضحا أن هذه الثلاثة هي التي جعلته يسيح في الأرض باحثا عنها للاستئثار بها والتمتع بلذاتها
وللفائدة فإن الشاعر التهامي المدغري، أصله من مدغرة بتافيلالت، وهو من أكتر الشعراء قبولا لدى المغاربة فقد رزق إقبالا لم يحض به شاعر قبله أو بعده، ويقول عنه الفاسي أنه يعد عند النقاد أكبر شاعر في الملحون وخصوصا في النوع الغنائي، وله 110 قصيدة، ويقول عنه الدكتور الجراري أن شهرته لم يدركها غيره حيث كان يعتبر شاعر المرأة والخمر الاول، وقد ولد سنة 1215هــ وتوفي سنة 1276هـ وكان من ندماء السلطان سيدي محمد بن عبدالرحمن العلوي، أثناء ولاية عهده
-------------------------------------------------
المصدر : مدونة قبائل سوس
* * *
-----------------------------------
تقديم : محمد زلماضي المزالي
------------------------------------
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire