الرايس الحاج بلعيد الورع


* * *

الرايس الحاج بلعيد الورع
------------------------------------------------------
يذهب البعض إلى أن الرايس الحاج بلعيد قد ساير عصره في الميدان الفني الحديث، وخاصة في تسجيل أغانيه، والحقيقة عكس ذلك، بل كان يتورع مع باقي الفنانين الذين عاصروه ويمتنع عن تسجيل أعماله الفنية، وخصوصا بعد ظهور وسائل التسجيل الصوتية في بدايات القرن العشرين بالمغرب، فهو لم يسجل أغانيه بصوته إلا بعد بلوغه سن الشيخوخة، بينما كان في فترة شبابه يتنقل بين قبائل وحواضر المغرب، دون أن يفكر في تسجيل أية أنشودة من أغانيه بالصوت الشبابي الذي لم نسمعه أبدا في جميع أسطواناته القديمة، بل نسمع فيها صوت شيخ طاعن في السن، ويرجع سبب ذلك الى أمرين
الأمر الأول : وهو أن المغرب في بداية القرن العشرين الميلادي لم تدخله بعد تقنيات التسجيل الصوتي بالشكل الكامل، بل احتكرته بعض شركات التسجيل الصوتية المعدودة كبيضافون وغيرها
الأمر الثاني : وهو أن نزعة الرايس الحاج بلعيد الدينية والاجتماعية جعلته يمتنع ويتورع عن التسجيل مخافة الوقوع في المحظور الذي نهى عنه الدين الإسلامي، ولم يلج عالم التسجيل إلا بعد أن استشار مجالس العلماء الذين أفتوا له بعدم وجود أي نص في القرآن الكريم ولا الحديث النبوي يعارض ما ينوي الرايس توثيقه من أعماله الفنية، وم ثم انطلق في هذا المجال وسجل انتاجاته الغنائية القديمة والتي فاته تسجيلها في شبابه، فقال قولته الشهيرة
* * *
زنزان ميدن أيدانسن أدنزاغ وينو
وترجمته للعربية كالتالي
باع الناس ما يملكون وسأبيع أنا ما أملك
* * *
وللفائدة بالنسبة لحياة الرايس الحاج بلعيد، فقد اختلف الباحثون في سنة ميلاده، وحصروها بين سنتي 1870 و 1875 م، وذلك حسب ما ورد في قصائده من الأحداث الشهيرة والتي عاصرها في حياته الأولى، أما وفاته فوقع فيها الاختلاف أيضا بين سنتي 1943 و 1948 م
وهذا يدل على مدى الفراغ النقدي الذي عانى منه المغرب بسبب اتجاه جميع شرائح المجتمع المغربي الى مقاومة الاستعمار، وإهمال تدوين تراثهم الأدبي والفني، فقل الباحثون من المغاربة قبل الاستقلال، في حين اهتم المستعمرون والأجانب بهذا الجانب، فاتصلوا بأهل الفن والأدب المغاربة، واتصلوا بهم واستجوبوهم في حياتهم، وتعتبر مدوناتهم في العصر الحاضر من أنفس وأثمن المراجع المعتمدة لدى جميع الباحثين، أمثال Alexis Chottin – Poulette galand
----------------------------------
تقديم : محمد المزالي

* * *

-----------------------------------



------------------------------------

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire