من كرامة أهل المغرب

* * *
من كرامة أهل المغرب

* * *

لماذا نعرف الكثير عن استبداد ولاة الخلفاء الأمويين بالمشرق ولا نعرف عن فظائع ولاتهم على المغرب قبل استقلاله عن الخلافة الاسلامية في الشرق

من المعلوم أن واليين من العائلة الثقفية أحدهما كان واليا للأمويين في أقصى المشرق وهو العراق والآخر في أقصى المغرب

فبالنسبة لوالي أقصى المشرق العربي بالعراق الحجاج بن يوسف الثقفي الذي عرف بظلمه واستبداده وشططه بأهل هذا البلد الشقيق، وكان يؤازره في ولايته قريبه يزيد بن أبي مسلم دينار الثقفي الذي كان صاحب شرطته، وأمينه على الخراج، وبعد وفاة الحجاج أقره الخليفة الوليد بنعبد الملك الأموي، والغريب أن هذا الخليفة، كان معجبا ومغتبطا بهذين الواليين المستبدين، ولا يهتم بأنين رعيته، ولا شكواهم، فكان يقول : ما مثلي ومثل الحجاج وابن أبي مسلم بعده إلا كرجل ضاع منه درهم فوجد دينارا

ولما مات الخليفة الوليد بن عبد الملك وولي بعده أخوه الخليفة سليمان الأموي، عزل يزيد بن أبي مسلم، لما بلغه من ظلمه للرعية بالعراق، وأمر به فأحضر بين يديه في اجتماع وكان رجلا قصيرا دميما قبيح الوجه عظيم البطن تحتقره العين، فلما نظر إليه سليمان قال أنت يزيد بن أبي مسلم قال نعم أصلح الله أمير المؤمنين، فإنك رأيتني والأمر عني مدبرا ولو رأيتني والأمر علي مقبل لاستعظمت ما استصغرت ولاستجللت ما احتقرت، ثم كشف عنه فلم يجد عليه خيانة فهم باستكتابه، وتوظيفه من جديد، لكن عمر بن عبد العزيز قال له أنا أوجدك من هو أعف عن الدينار والدرهم منه فقال سليمان من هو ؟ قال : إبليس ما مس دينارا ولا درهما قط وقد أهلك هذا الخلق، فتركه سليمان، لأن عمر بن عبد العزيز كان يعلم مكامن نفسية هذا الظالم

وروى جويرة بن أسماء أن الخليفة عمر بن عبد العزيز الأموي لما ولي الخلافة بلغه أن يزيد بن أبي مسلم خرج في جيش من جيوش المسلمين فكتب إلى عامل الجيش برده، وقال إني لأكره أن أستنصر بجيش هو فيهم

ولاية يزيد بنأبي مسلم الثقفي على المغرب

وفي سنة 101 هـ وبعد وفاة الخليفة عمر بن عبد العزيز، وأفضت الخلافة إلى الخليفة يزيد بن عبد الملك الأموي، قام بعزل الوالي إسماعيل بن عبيد الله عن ولاية المغرب، وولى مكانه يزيد بن أبي مسلم الثقفي فأساء السيرة، ولم يتحمل المغاربة شططه وظلمه الذي تطبعت به نفسه منذ كان في العراق، فثار أهل المغرب عليه وقتلوه سنة 102 هـ ولم يدم في ولايته إلا أشهرا

قال الطبري وكان سبب مقتله : أنه كان قد عزم أن يسير في أهل المغرب بسيرة الحجاج في أهل العراق، لأن الحجاج كان قد وضع الجزية على رقاب الذين أسلموا من أهل السواد وأمر بردهم إلى قراهم وبساتينهم على الحالة التي كانوا عليها قبل الإسلام، فلما عزم ابن أبي مسلم الثقفي على تنفيذ ذلك في المغرب، تآمر الأمازيغيون عليه وأجمعوا على قتله فقتلوه وولوا عليهم محمد بن يزيد الذي كان قبله، وكان غازيا بصقلية فلما قدم بمغانمه ولوه أمرهم

ثم كتب أهل المغرب إلى الخليفة يزيد بن عبد الملك الأموي، وأبدوا له الطاعة، وقالوا له : ولكن عاملك يزيد بن أبي مسلم سامَنا ما لا يرضى به الله ورسوله فقتلناه وأعدنا عاملك الذي قبله، فكتب إليهم الخليفة يزيد الأموي فقال : إني لم أرض بما صنع ابن أبي مسلم، وأقر الوالي الذي رضوه الأمازيغيون وهو محمد بن يزيد على المغرب وذلك في سنة 102 هجرية

كيف فتك المغاربة بأبي مسلم الثقفي

وحدث الوضاح بن أبي خيثمة وكان حاجب الخليفة عمر بن عبد العزيز الأموي، قال أمرني الخليفة عمر بن العزيز فيمرض موته بإخراج قوم من السجن وفيهم يزيد بن أبي مسلم، فأخرجتهم وتركت هذا الأخير،فحقد علي فلما مات عمر بن عبد العزيز، هربت إلى أفريقية خوفا منه، فبينما أنا بإفريقية قيل له أنني قدمت فلما رآني قال طالما سألت الله أن يمكنني منك فقلت وأناوالله لطالما سألت الله أن بعيذني منك، فقال ما أعاذك الله، والله لأقتلنك ولوسابقني فيك ملك الموت لسبقته، ثم دعا بالسيف والنطع فأتي بهما وأمر بالوضاح هذا،فأقيم عليه مكتوفا وقام السياف وراءه ثم أقيمت الصلاة فتقدم يزيد إليها فلما سجدأخذته السيوف وقتل وهو ساجد، ودخل على الوضاح من قطع كتافه وأطلقه فسبحان اللطيف الخبير

 لمثل هذا يستغرب المواطن المغربي من نفسية أجداده الأمازيغ الأبية،فهذا الاسم العائلي (الثقفي) لا زال يشمئز منه إخواننا أهل العراق لحد الآن، فلم ينسوه أبدا منذ قرون، أما أهل المغرب فقد نسوه ولم يعد له مكان في ذاكرتهم، لأنهم أخذوا منه القصاصلكرامتهم وشرفهم وأنفتهم، لدرجة تأييد خليفة المسلمين يالشرق لتصرفهم المحمود
---------------------------------------

* * *

-----------------------------------
تقديم : محمد زلماضي المزالي
------------------------------------

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire