* * *
*
الحجاج المغاربة قديما ومعاناتهم -2
-------------------------------------------
-------------------------------------------
في هذا الموضوع سنتطرق الى المشاكل والأحداث التي واجهها الحجاج المغاربة قديما في المشرق، تتميما للموضوع السابق والذي يحمل عنوان الحجاج المغاربة ومخاطر السفر
وقبل الدخول في تفاصيل هذه الأحداث نتعرف على شكل الركب الحجازي المغربي كما وصفه المؤرخون المشارقة والذين عاينوه في بلدانهم، فنقول
* * *
الركب الحجازي المغربي : ويسميه أهل المشرق بالمحمل المغربي، لكنه لا ينطبق عليه هذا الاسم حقيقة، لأن أهل المغرب لم يكن لديهم محمل كمحمل أهل الشرق، وهو عبارة عن هيكل خشبي وكسوة ويتخذ كشعار مثل سائر المحامل العربية الأخرى، وإنما كان المحمل المغربي يتكون من عدة قوافل تلحق بعد عبورها تراب ليبيا بركب المحمل المصري في القاهرة لمن كان يسلك طريق البر من المغاربة
وكان المحمل المغربي ينقسم الى قسمين وفق طريقة سفره، وأماكن تجمعه وهما
المحمل البري : وينقسم بدوره الى قسمين
الركب الحجازي السجلماسي والفيلالي : ويضم حجاج منطقتي سلجلماسة وتافيلالت وما إليها من الصحراء
الركب الحجازي المراكشي والفاسي : ويضم حجاج منطقتي مراكش وفاس والمناطق الوسطى بالمغرب
المحمل البحري : وتختص به المدن الواقعة على السواحل المغربية ويتكون من مراكب بحرية تتجه بحرا مباشرة الى الإسكندرية للالتقاء مع المحمل المصري والمحمل البري المغربي، ويتقسم هذا المحمل البحري بدوره الى قسمين
الركب الحجازي التطواني : ويضم حجاج شمال المغرب المتوسطي
الركب الحجازي السلاوي : ويضم حجاج مناطق الساحل الأطلسي
وذكر الاستاذ ابراهيم حلمي في كتب التراث الإسلامي أن قوافل الحج المغربي كانت تصب في القاهرة قبل أن تصل الى الأراضي الحجازية حتى تستأنس بصحبة المحمل المصري في الطريق سواء في الذهاب أو الاياب
* * *
وقد تميزت المحامل المغربية بعدة ظواهر، كان أهمها ما جاء في كتاب ( أطوار العلاقات المغربية العثمانية ) ومنها
أولا – أن التقاء المحامل المغربية في الحواضر المشرقية ذهابا وإيابا، تتيح للرحالة المغاربة الوقوف على أخبار بلدهم ونقلها إلى ذويهم بشكل منتظم من غير قلق لطول الرحلات
ثانيا – الملاحظ من الرحلات المغربية أن الإقامة بالشرق تتنوع ما بين هدف المجاورة بمكة وهدف التجارة في طرابلس ومصر
ثالثا – أن تقابل المحامل المغربية مع محامل الحج الجزائرية والتونسية والليبية والمصرية، ومصاحبة بعضها البعض، يعطي لكل محمل الفرصة للوقوف على معالم الحياة في المحامل الأخرى والأخذ منها أو انتقادها أو الدخول في جدل حولها
رابعا – إن تنوع الجدل في هذه المحامل بين المعتقدات المحلية والعادات الشعبية ومظاهر الحكم وحياة الحواضر والبوادي يبرز نظرة المغرب العربي للشرق العثماني وما يدور حوله
أولا – أن التقاء المحامل المغربية في الحواضر المشرقية ذهابا وإيابا، تتيح للرحالة المغاربة الوقوف على أخبار بلدهم ونقلها إلى ذويهم بشكل منتظم من غير قلق لطول الرحلات
ثانيا – الملاحظ من الرحلات المغربية أن الإقامة بالشرق تتنوع ما بين هدف المجاورة بمكة وهدف التجارة في طرابلس ومصر
ثالثا – أن تقابل المحامل المغربية مع محامل الحج الجزائرية والتونسية والليبية والمصرية، ومصاحبة بعضها البعض، يعطي لكل محمل الفرصة للوقوف على معالم الحياة في المحامل الأخرى والأخذ منها أو انتقادها أو الدخول في جدل حولها
رابعا – إن تنوع الجدل في هذه المحامل بين المعتقدات المحلية والعادات الشعبية ومظاهر الحكم وحياة الحواضر والبوادي يبرز نظرة المغرب العربي للشرق العثماني وما يدور حوله
* * *
وقد يصطدم الحجاج المغاربة في طريقهم بالطوارئ السياسية التي تقع ببلاد الشرق، ويواجهون ما لا يتوقعونه من مشاكل كبيرة قبل أن ينالوا مقصدهم الشريف، ومنها ما حدث للركب الحجازي المغربي في السنة التي وقعت فيها مصر فريسة للحملة الفرنسية سنة 1213 هـ، وقد حكى الكاتب الجبرتي هذه الحادثة فقال
في أحداث شهر ذي الحجة سنة 1213 هـ وفيه حضر مغاربة حجاج إلى بر الجيزة بضواحي القاهرة، فتحدث الناس وكثر لغطهم وتقولوا بأن عشرين ألف من المغاربة حضروا إلى مصر لإنقاذها من الفرنسيين، فأرسل إليهم الفرنسيون للكشف عن أمرهم، فوجدوهم طائفة من خلايا وقرى فاس مثل الفلاحين، فأذنوا لهم بدخول بعض أنفار منهم للقاهرة لقضاء أشغالهم، فحضر شخص مصري منهم إلى الفرنسيين ووشى إليهم أنهم قدموا لمحاربتهم والجهاد فيهم، وأنهم اشتروا الخيل والسلاح وقصدهم إثارة فتنة
فأرسل الفرنسيون إليهم جماعة لينظروا في أمرهم، وتكلموا مع كبيرهم المغربي، عن الذي نقل عنهم، فقالوا لهم : إنما جئنا بقصد الحج لا لغيره
ثم رجعوا وفي صحبتهم كبير المغاربة، فعقدوا معه جلسة وأحضروا الرجل المصري الذي وشى بهم، فتذكره المغربي وفضح للفرنسيين أمره حيث قال لهم : إن هذا المصري حرامي أمسكناه بالسرقة وضربناه، فحمله الحقد على ذلك، وإن هذه البلاد ليست لنا ولا لسلطاننا حتى نقاتل عليها، ولا يصح أن نقاتلكم بهذه الشرذمة القليلة وليس معنا إلا نصف قنطار من البارود ( 500 كلغ )، ثم اتفقوا معه أن يبقى هو رهينة عندهم ومعه السلاح حتى يعبر الحجاج المغاربة إلى منطقة العادلية حيث سيعبرون البحر الى الجزيرة العربية، ووقع المصريون في فزع آخر حيث زعموا وأشاعوا أن الفرنسيين خرجوا لقتال المغاربة عندما شاهدوا مدافع الفرنسيين واقفة أمام المغاربة، مع أنها وضعت للحراسة فقط من قبل المحتلين لتأمين مرور المغاربة بالقاهرة، وأغلقت الأسواق خوفا من الحرب، مما جعل الفرنسيين يضطرون الى تأجيل خروجهم الى اليوم التالي ومصاحبتهم إلى العادلية بشكل آخر وتحت وقع الموسيقى العسكرية والطبول وأمامهم مدفع وخلفهم مدفع آخر في موكب عسكري إلى أن أجازوهم للعادلية ثم أتبعوهم بسلاحهم بعد ذلك حسب الاتفاق السابق معهم
* * *
هذه إحدى الأحداث التي وقعت لركب الحجاج المغاربة، وهناك أحداث أخرى سنعرضها في موضوع آخر بحول الله
* * *
*
-----------------------------------
تقديم : محمد زلماضي المزالي
------------------------------------
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire